Friday, August 10, 2007

فقه مواجهة الدعاة لضغوط العمل



كثيرًا ما يشكو الدعاة إلى الله والعاملون في ميدان الدعوة وإدارياتها من ضغوط العمل وتزاحم الأعمال على صاحبها، حتى يكاد الداعية لا يحسن التصرف ويصاب بالإحباط والتوتر وضيق الأفُق من جرَّاء تزاحم الأعمال عليه، وربما يقع الداعية في دائرة الارتباك التام، أو تساقط الأعمال من بين يديه.

ولذلك كان ولا بد أن نقدم بعض الطرق الفعَّالة لمواجهة ضغوط العمل والتوتر المصاحب لها؛ حتى تستطيع أن توظفها لصالحك:

1- التفويض
لا تحمِّل نفسَك أكثرَ من طاقتها، وحاوِل أن تُشرك إخوانَك معك في حلمك، وفي بعض مهامك اليومية الرئيسية، وفي همومك الدعوية اليومية؛ لكي يحسوا بحجم معاناتك وكمية الضغط الذي تتحمله نيابةً عنهم، ولا يجب أن تقوم وحدَك بكل الأعمال الدعوية الواجبة عليك، بل أشرِكهم وافتح لهم قنوات للعمل والتحرك وإخراج ما لديهم من طاقات مكنونة.

إن قيامَك بتخفيف الأعباء غير الضرورية عنك، وتفويض إخوانَك التفويض الفعَّال سيمنحك مزيدًا من الوقت والفرصة لتتعامل مع أمورك الأخرى التي قد تكون أكثر أهميةً، ويخفف من ضغط العمل عليك وحدك، ويجعلك تتفرغ للقيام بواجبك الأصلي في وضع الإستراتيجيات ومتابعة الأعمال والتوجيه، وحسن تقييم العمل، ورسم الخطط لعلاج ما يمكن علاجه، بدلاً من الانشغال بصغائر الأعمال التي يمكن تفويضها للغير.

2- التنظيم الفعَّال
فإن حُسنَ التنظيم وسيادةَ روح الفريق الواحد في العمل، ووجود لوائح تنظيمية تضبط العمل، مع إشراك الجميع في اتخاذ القرارات، وإشعارهم أنهم جزءٌ من العمل، وأن الدعوة دعوتهم.. كل ذلك وغيره مما يقوِّي ثقة الفريق الذي معك، ويرفع عن نفسك الكثير من الأعباء، ومما يقلل من تعرضك للضغوط والتوتر، ويخرجك من دائرة ضيق الأفق الإداري، إلى رحابة العمل المنظَّم الفعَّال.

3- الاستعداد المسبق للضغوط
إن استعدادَك المسبَق للمواقف التي تسبب لك الإحساس بالضغط، وخاصةً إذا كانت تلك المواقف مما يمكن توقُّعه، مثل المناسبات الدينية، والأحداث التاريخية، وما تتطلبه من تفاعلات، وتوقع هذه المواقف التي تجعلك متوترًا، وتحضير نفسك لها جيدًا.. فإن ذلك سيخفف الكثير من الضغط والتوتر عنك؛ مما يجعلك تؤدي بطريقة أفضل، وتصل لتحقيق نتائجك بصورة رائعة، بدلاً من أن تلجأ إلى سياسة ردود الأفعال، والتي غالبًا ما تكون مسبِّبةً للضغط النفسي والعصبي ومُرهِقةً للعاملين من حولك.

4- تحدث مع نفسك بطريقة إيجابية
كن إيجابيًّا، كن مقبلاً غير مدبر، كن حاملاً للتفاؤل رايةً، كن باعثًا للأمل في نفسك وفيمن معك، لا تدَع لليأس أو الفشل مجالاً أن يصلا إلى قلبك، تعلَّم كيف تستخدم ألفاظ النجاح، إذا سمعت نفسَك تقول عن أمر ما: "إنه عمل صعب"، أو "لماذا يحدث كل هذا؟!"، أو "لماذا تكالبت عليَّ الظروف؟"، فامتنع فورًا عن هذا القول وتوقف، وواجِه حديثَك السلبي لنفسك بطريقة إيجابية، وقل لنفسك: إنك لهذا العمل بإذن الله، وإنك لا تعرف المستحيل، وإن الدين دينك، والعمل عملك، والواجب واجبك، مثلما استشعَر ذلك الصدِّيق بعد وفاة الحبيب- صلى الله عليه وسلم- فقال: "أينقص الدين وأنا حي"، فكن إيجابيًّا متحركًا منتصرًا على عوامل اليأس والإحباط، وبذلك تتحكَّم في نفسك وتتغلَّب على التوتر الذي يصيبها، وتُحكِم قبضتَها وتوجيهَها نحو مسيرة العطاء المتوقدة لتسير في ظلال الأمل الوارفة.

5- إستراتيجية دفتر الإنجازات
ليكن لك مع نفسك كل يوم وليلة وقفةٌ لمراجعة الإنجازات التي تمَّت والوقوف عليها بنظرة إيجابية؛ لتكون دافعةً لك إلى الأمام، وأجلب دفترًا مميزًا واكتب عليه (دفتر الإنجازات اليومية)، واحرص على أن تسجل فيه إنجازاتك أنت وإخوانك اليومية على صعيد العمل كله أو في حياتك الشخصية، وسجِّل حالتك النفسية أثناء هذا الإنجاز وسعادتَك به إذا كان الأداء فيه مميزًا، وبهذه الطريقة ستتعلم كيف تفكر في صفاتك الإيجابية وصفات الفريق معك، ومواضع قوتكم.

وعندما تتزايد عليك الضغوط وتمرُّ بظروف سيئة تذكَّر ما أنجزتَه من قبل- وخاصةً في مثل تلك الضغوط- حينئذ سوف تتأكَّد من أنك حقَّقت الكثير في حالات نفسية مختلفة، وربما تكون أشدَّ قسوةً من تلك الظروف التي تمر بها، وستتأكد أنك تستطيع تحقيق نجاحات جديدة مهما كانت الظروف، وتذكر- أخي الحبيب- أن الرجل الواحد بوسعه أن يبنيَ أمةً إن صحَّت رجولتُه.

6- الاستعانة بالله
وقبل ذلك وبعده لا بدَّ من تذكُّر أن المرء مهما أوتيَ من قوةٍ أو علمٍ أو طاقةٍ أو مهارة أو إمكانات أو أنصار من حوله فإنه لا حولَ له ولا قوةَ إلا بالله، وأنه لا بدَّ من الرجوع إلى ربِّ الأسباب أولاً حتى يعينَه على تجاوز ما هو فيه من ظروف وضغوط، وأن يعينه على إتمام هذه الأعمال كلها دون إنقاص منها أو تجاوز عن بعضها أو تقصير فيها، وحينما تكالبت القوى على الحبيب في الهجرة أخذَ بالأسباب واستعان برب الأسباب، وحينما خرج إلى بدر أخذ بالأسباب وأناب إلى رب الأسباب.. "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبَد في الأرض".

وأشعر نفسك بقيمة ما قاله الحبيب- صلى الله عليه وسلم- للصدِّيق "لا تَحْزَنْ إِنَّ الّلهَ مَعَنَا"، وما قاله كليم الله لقومه: "كَلاَ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين"، وهذا هو سمت الدعاة إلى الله في كل وقت وحين، وعند تضاعف الأعمال وتزاحمها لا بد من طلب العون من العلي الكبير.

وقبل الختام إليك بعضًا من الوصايا التي وضعها د. إبراهيم الفقي في كتابه القيِّم (أسرار قادة التميز)؛ لكي تكون عونًا لك في طريقك- أخي الداعية- لمواجهة ضغوط العمل:
- آمِن عندما يشكُّ الآخرون
اعمَل عندما يحلم الآخرون
- أنصت عندما يتحدث الآخرون
- امتدح عندما ينتقد الآخرون
- ابتسم عندما يشكو الآخرون
- ابْنِ عندما يهدم الآخرون
- انسَ عندما يحكم الآخرون
- سامح عندما يدين الآخرون
- حب عندما يكره الآخرون
- ولا تنس أن تتحلى بروح ساخرةٍ مع جرعةٍ كبيرةٍ من الصبر.

1 comment:

السيرة النبوية said...

عملك جيد رائع ...ما شاء الله
لدي مقالات عن مواضيع إسلامية إذا كنت تريد أن تقرأ يرجى زيارة الرابط التالي
مقال مفيد بعنوان خواطر ومواعظ من نفحات شهر ربيع الأول هو من أنفع المقالات في ذكرى مولد خير الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ستعرف من خلاله كيفية الاستفادة من هذه الذكرى العظيمة على وجه صحيح بالإضافة إلى فوائد قراءة السيرة النبوية العطرة.

https://www.arabicdawateislami.net/blog/373